زوجي.. جاف المشاعر، دائم الإنشغال عنا بعمله، لا يهتم بالحديث معي، لا يهتم بي وبطلباتي الخاصة، لا يهتم بدراسة الأبناء.. إلخ.
زوجتي ترهقني بكثرة طلباتها ومصاريفها، تعبت من كثرة هجرها للفراش وتمنعها، لم أعد أطيق تصرفاتها وحمقها.. إلخ.
¤ ســبب للنزاع:
هكذا يُكثر بعض الأزواج والزوجات الشكوى من الطرف الآخر، فلا يتركون فرصة ولا مجالا إلا ويسارعون بالحديث عما يصدر منه من سلوكيات غير مقبولة وما به من مشكلات وعيوب ونقائص.
وفي ظل هذا السيل الجارف من البحث عن السلبيات، فإنهم لا يرون ما يتمتع به الطرف الآخر من إيجابيات أو مزايا عديدة، وهذه الطريقة في النظر للطرف الآخر تولد مساحة نفسية كبيرة من الإحساس بعدم الرضا، ويتبع ذلك خلافات ونزاعات لاتتوقف بين الزوجين، بل قد ينتهي الأمر بسبب هذه النظرة إلى إنقضاء الرابطة الزوجية بينهما.
¤ إبراز للإيجابيات:
وعلى النقيض من ذلك، فعندما يهتم الزوجان بالبحث عن المزايا والإيجابيات والمحاسن التي يتمتع بها الطرف الآخر، ويعملا على إبرازها وتنميتها، فهذا يولد مشاعر إيجابية ويحدث حالة من الرضا.
وهذه الطريقة الإيجابية في التعامل بين الأزواج والزوجات هي ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: «لا يفرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً، إن كرِهَ منْها خُلقًا رضِيَ منْها آخرَ أو قال: غيرَهُ» رواه مسلم.
¤ مواقف عملية:
وضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر مثلا في التعامل مع زوج إبنته أبو العاص بن الربيع الذي ظل على كفره بعد أن جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة وظل يحارب المسلمين حتى أسر في غزوة بدر، لكن حين ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره بالخير وركز على ما فيه من خصال إيجابية فقال فيه: «حدَّثني فصدَقني، ووعدَني فوفَى لي» رواه البخاري.
وسار الصحابة في تعاملهم مع زوجاتهم على هذا النهج، فقد جاء رجل إلى عمر رضي الله عنه يشكو إليه خُلق زوجته، فوقف ببابه ينتظره، فسمع امرأته تستطيل عليه بلسانها، وهو ساكت لا يرد عليها، فإنصرف الرجل قائلا: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فكيف حالي؟
فخرج عمر فرآه موليًا فناداه: ما حاجتك يا أخي؟ فقال: يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك خُلق زوجتي وإستطالتها علي، فسمعتُ زوجتك كذلك، فرجعتُ وقلتُ: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته، فكيف حالي؟
فقال عمر: تحملتها لحقوق لها علي، فإنها طباخة لطعامي، خبازة لخبزي، غسالة لثيابي، مرضعة لأولادي، وليس ذلك بواجب عليها، وسكن قلبي بها عن الحرام، فأنا أتحملها لذلك. فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي. قال: فتحملها يا أخي فإنما هي مدة يسيرة.
¤ تدريب عملي:
ومن الأمور التي تساعد الزوجان على إكتشاف الخصال الإيجابية والجوانب المضيئة لدى الطرف الآخر وتعظيمها لديه، أن يجلس كل منهما وحده ويحضر ورقة ثم يسرد بها ما يتمتع به الطرف الآخر من خصال وجوانب إيجابية بموضوعية وحيادية، فما من إنسان إلا وله حظ منها، مع إستبعاد كل ما يطرأ على الذهن من جوانب سلبية.
الكاتب: ياسر محمود.
المصدر: موقع رسالة المرأة.